تحتفل الكنيسة بعيد الجسد من اجل اكرام جسد ربنا في القربان المقدس.
انها مناسبة نشأت لتكون محطة للتأمل بحقيقة ما يعطيه لنا يسوع في كل قداس نحتفل به.
ان هذه الحقيقة نفهمها من الاسماء التي تطلق على جسد ربنا, ومنها القربان. ان جسد ربنا يسوع المسيح له عمل القرابين التي قربها الشعب المؤمن في العهد القديم والتي كانت لها وظيفة خاصة ومقدسة. كلمة القربان هي من اصل كلمة ” قرب”, انها ممارسة كانت تجمع المؤمن مع الله. القربان هو الواصل ما بين الله الذي يحضر في فعل العبادة المتضمن في القربان ويقبله من قبل من يقرب ويريد ان يقترب من الله.
ان جسد ربنا ودمه الكريمين يجمعان ما بين البعدين المذكورين, فالخبز يمثل عالم الانسان وجهده وتعبه وحياته وتاريخه
انه مادة تحوي وتشير الى الحقيقة المتسامية, الى حقيقة الحياة ومعناها, تشير الى واهب الحياة, الله الذي يعطي بركته للإنسان.
هذا الخبز يدخل الى منطق الله الذي يقدسه بكلمته وبروحه القدوس: يسوع جعل من الخبز جسده: ” وبَينَما هم يَأكُلون، أَخذَ يسوعُ خُبزاً وبارَكَ ثُمَّ كَسَرَه وناوَلَه تلاميذَه وقال: (خُذوا فَكُلوا، هذا هُوَ جَسَدي))” ( متى 26:26). ويسوع هو الذي يرسل روحه القدوس ليقدس هذا الخبز فيصبح جسده. كما ان الروح القدس حل على مريم العذراء: ” إِنَّ الرُّوحَ القُدُسَ سَينزِلُ عَليكِ وقُدرَةَ العَلِيِّ تُظَلِّلَكِ، لِذلِكَ يَكونُ الـمَولودُ قُدُّوساً وَابنَ اللهِ يُدعى” ( لوقا 1: 35). كما اصبح الله جسدا في رحم العذراء, يصبح حاضرا في الخبز الافخارستي. الذبيحة كانت تذبح, وهذا يدل على العطاء, لان ذبح الضحية يعني تقديمها من دون ان يكون هناك مجال للرجوع عن هذا التقديم. يسوع ذبح على الصليب ليختم عهدا ابديا بموجبه يبقى حاضرا ومتحدا مع الانسان كي يقود الانسان اليه القرابين كانت لها وظيفة اخرى من خلال رمزيتها وفي حالة الخطيئة التي كانت يقترفها المؤمن او الشعب كانت العلاقة بينهم وبين الله مهددة, لان العهد الذي اتفق الله به مع بني اسرائيل كان يقوم على الامانة, بينما الخطيئة تعني خيانة الله وتفضيل شيء اخر عليه. هذا الواقع حسب الايمان يعني الموت, لان لا معنى لحياة تفقد مقومها الاساسي.
لا معنى لحياة بني اسرائيل في حالة تخليهم عن الله. من اجل اعادة العلاقة كان يلزم هناك وسيلة رمزية تعبر عن توبة الشعب واعادة العلاقة, وهذه الوسيلة ليست الا دم الذبائح والقرابين. الدم يعني الحياة ونفس الكائن الحي, فعند اراقته على مذبح الرب كان يشير الى ان الشراكة ما بين الله والانسان قد عادت. علاقة القرابة تقوم على الدم, ولذلك دم القرابين كان يشير الى القرابة التي تقوم ما بين الله والمؤمن. دم المسيح يقوم بهذا العمل باكمله وابديته. اذا كانت دماء القرابين رمزية, فدم المسيح هو حقيقي. انه دم ابن الله يعطى لنا في القربان, يجري في عروقنا عاملا فينا حياة الله, وعاملا منا ابناء الله. انه يعطى من اجلنا ” هذِه الكَأسُ هي العَهدُ الجَديدُ بِدمي الَّذي يُراقُ مِن أَجْلِكم” ( لوقا 22: 20). انه يرفع الخطيئة ويدخلنا في علاقة جديدة مع الله واهبا لنا الحياة الابدية. لنقترب من هذه النعمة بكل ما يلزم من تحضير وايمان ومصالحة لنصبح ابناء الله.
صلاة الطلبات لعيد الجسد
-لنقف امام الرب الذي يمنحنا خبز الحياة, طالبين وقائلين سيدي اعطنا دوما من هذا الخبز.
-يا رب: انت اتيت الينا لتجعلنا من خاصتك وابناء بيتك جعلت حضورك في القربان المقدس ليتناولك من يؤمن بك. ساعدنا لنقترب منك ولا نبتعد بسبب الخطيئة: منك نطلب.
– يا رب: انت سفكت دمك من اجل حبك لنا. علمنا معنى التضحية والعطاء, لنقدم ذواتنا وحياتنا وعالمنا لك لتقدسه, كما تقدس قرابين الخبز والخمر على المذبح: منك نطلب.
– يا رب: انت بدمك الثمين وهبت الحياة لنا, وجعلت منا ابناء لابيك واخوة لك. علمنا دوما لنتصالح فيما بيننا ونقترب لتناول جسدك الكريم: منك نطلب.
-يا رب: نطلب من اجل المرضى, ليكون جسدك لهم دواءا شافيا. نطلب من اجل الحزانى, ليكون لهم دمك فرحا. نطلب من اجل الموتى ليتحقق لهم وعدك عندما قلت: ” من اكل جسدي وشرب دمي لا يموت ابدا”: منك نطلب.
-ونطلب منك يارب من أجل بلدنا العراق وبلدان الشرق الاوسط ليحل السلام فيهما وعودة المخطوفين وراحة لنفس شهدائها . منك نطلب