sykakerk.nl

م- اسماعيل ميرزا

ان الإيمان يُجّرب في ساعة المحنة، لا لأن الرب يُريد أن يُعذبنا، بل لأن الإنسان يعيش وسط بشر كلهم يمتلكون رغبة في الحياة، وكثيراً ما يتناسون الآخرين من أجل إرضاء وراحة أنفسهم، وفي نسيانهم يُعذبون آخرين عن قصد أو بغير قصد. هنا يُجرّبُ إيماننا ونعيش لحظات بستان الزيتون. فلكل واحد منّا جتسمانية لا يفهم فيها سبب الألم الذي يختبره في حياته، ولكن على مثال يسوع علينا أن نتعلّم أن نقول بشجاعة وصدق: يارب لتكن مشيئتك. لم يتجرأ أحد من قبل يسوع أن يلفظ هذه الكلمة وهو يُنادي الله، ولكننا نسمعها اليوم من يسوع ونفهم كم أن يسوع مازال ثابتا في الله رغم كل شيء

فالمؤمن يصلب مع المسيح من خلال حياته التي يعيشها على الأرض، ويصلب نفسه فيها عن كل المغريات والمتاهات والتفاهات وعن كل ما يبعده عن الرب، ليغلب، إذ لا غلبة للمؤمن إلاّ بحمل الصليب، ولا انتصار له إلاّ بملحمة الصليب، والسمو براية الحق من جديد تماما كيسوع الفادي الحبيب

ان الكنيسة المقدسة بأبنائها ومنذ العصور المسيحية الأولى آمنت بهذا المبدأ وطبقته بكل أمانة ورضا ومحبة وسرور، إذ حملت الصليب بكل ثقله وأوجاعه وأتعابه ومعاناته وسارت وراء يسوع بخطوات ثابتة عبرت عنها صرخة رسول الأمم المدوية: مع المسيح صلبت فأحيا، لا أنا بل المسيح يحيا فيّ (غل2: 20)؛ فملحمة الصليب فعلٌ إيماني مصدره الكلمة الحق، فيه يتجسد يسوع المسيح مصلوباً في العالم من جديد كل يوم بهياكلنا ونفوسنا وأجسادنا من خلال المبادئ الإيمانية والفضائل المسيحية التي نمارسها بمحبة باذلة نقية وبكل التزام وقداسة وحكمة إنجيلية، مع نبذ كل ما هو شر وعنف وخطيئة،

هكذا يكون ملكوت الله حياة حق يعيشها المؤمنون في الكنيسة المجاهدة على الأرض (لأن ها ملكوت الله داخلكم، لو17: 21)، وصولاً إلى الكنيسة المنتصرة في السماوات، حيث لا جوع ولا عطش ولا أتعاب ولا ضيقات، يرعاهم الحمل المذبوح الذي في وسط عرش السماء، ويقتادهم إلى ينابيع ماءٍ حية، ويمسح الله كل دمعة من عيونهم (رؤ7: 15 17)، فهنيئا لهم إذ تمسكوا براية الحق،

عندما نتوب ونؤمن ونتجدد في علاقتنا بالله وبالتالي في علاقتنا مع الناس ومع انفسنا وعندما ننال اختبار التجديد بعد التوبة والايمان تنسكب محبة الله في انفسنا ، ان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا وعندما تنسكب محبة الله في النفس اننا نعمل كل ما بوسعنا لارضاء الله فتصبح غايتنا وهدفنا ارضاء الله . بدون التوبة لا خلاص للانسان ولا حياة ابدية ولا ملكوت

إن الفرح المتولد من عبور الألم الذي يكون على مستوى الصليب فهو يكون فرحًا متحركًا يغير ويجدد القلب والفكر والنفس إذ حينما تنقشع المحنة بكل خسائرها يلتفت الإنسان فإذا به قد عبر مرحلة ما قبل الصليب ليدخل مرحلة ما بعد الصليب، والفارق بينهما كالفارق بين الموت والقيامة: ينسلخ الإنسان من الأشياء المحسوسة لتتجلى أمامه وفى أعماقه الأشياء غير المحسوسة

ان الصليب الذي يعطي غفرانًا وخلاصًا، وحياة، ورجاء أكيدًا في الأبدية السعيدة.. الصليب الذي يعطي صورة مثالية للعطاء وللبذل، ولنكران الذات وإخلائها.. بلا حدود.. الصليب الذي أعطانا صورة لمن يعطي وهو في عمق آلام الجسد، ولكن في عمق محبة الروح.. ويعطي إلى آخر قطرة تسفك من جسده، في الوقت الذي لا يقدم فيه العالم أي عطاء.. إلا دموع عزيزة كانت تسكبها قلوب محبة. وكانت لها قيمتها عند الرب.. فليعطينا الرب بركة صليبه، وليعطينا أن نتدرب على الحب والبذل، وأن نحب الإعطاء أكثر من الأخذ. وليعطينا أن ننمو في هذا العطاء ونظل ننمو حتى نعطي أرواحنا لأجله

لا يسعنا يا رب إلا أن نشكرك من صميم قلوبنا أنك قريب منا فأنت تحبنا وقلبك من نحونا دائما أننا نؤمن بأنك قريب ونفتح قلوبنا لك لكي تدخلها وتسودها وتنعشنا بفرحك

امين

م-اسماعيل ميرزا