
فكلّ ما يتعلّق بطفولة العذراء مريم مستقى من نصوص غير قانونيّة بمعنى غير نصوص الأنجيل الموحى في كتابته، لكنّ التقليد الكنسي الأصيل، على مرّ القرون، علّق أهميّة على هذا الحدث التاريخي المتمثّل في ميلاد مريم، وهو زمن شهد ميلاد المسيح من عذراء من الشعب المختار…
إنجيل يعقوب (الأبوكريفا) مُوسّع بإنجيل ميلاد القدّيسة مريم، والذي يعود تاريخه إلى القرون الأولى للعصر المسيحي وهوأصلَ التقليد المتعلّق بميلاد مريم. ثمّ استُخدمت منه قصص عن العذراء مريم في القرن الثالث عشر في كتاب “الأسطورة الذهبية” للراهب الدومينيكي جاك دي فوراجين، وانتشرت على نطاق واسع. ولذلك، كان لإنجيل يعقوب تأثيرٌ بالغٌ على اللاهوت والطقوس والفنّ المسيحي، وكثيرون سردوا وصوّروا هذه الحادثة من ميلاد مريم.
تقليد الكنيسة يُحتفل بميلاد مريم منذ عصر الآباء: آباء الكنيسة، والقدّيسون، والمتصوّفون الّذين يعتنقون اللاهوت المريمي، يشهدون على الفرح الفائق للعذراء مريم فجر الخلاص. ظهرت بداية الاحتفال الليتورجيّ بميلاد مريم في أورشليم مع الكنيسة التي بُنيت في القرن الخامس الميلادي بالقرب من بركة التطهير في بيث صيدا التي كانت تقليديًا موقع منزل يواكيم وحنّة (والدي مريم)، ومسقط رأس العذراء مريم. عن ميلاد العذراء مريم، لدينا العديد من العظات القديمة التي تتناوله بغنى خاص : يمكننا الإستشهاد بعظة ميلاد مريم للقديس يوحنّا الدمشقي، بطريرك القدس وملفان الكنيسة، والقديس أندراوس الكريتي، كاتب الترانيم الشهير، واضع أسلوب “القانون” الليتورجيّ، الذي يؤكّد في عظته عن ميلاد العذراء مريم أنّ حدث ميلاد مريم هذا يسمح “باتحاد الكلمة بالجسد”. ألهم ميلاد مريم أشخاص روحانيّين عظام، مثل الكاردينال بيير دي بيرول (1575-1629)، الذي شبّه في كتابه “حياة يسوع” ميلاد العذراء مريم بالفجر الّذي يسبق الشمس. وكذلك تروي المتصوّفة الطوباويّة آنا كاثرين إميريش (1774-1824)، في كتابها “حياة العذراء مريم”، الرؤيا الّتي تلقّتها بشأن ميلاد العذراء مريم هو فرحة إستثنائية في السماء وعلى الأرض، وامتلكت القوّة منذ لحظة ولادتها على الشياطين. وكذلك كتبت نصيحة العذراء مريم لها في رؤيتها أن يكون إستعداد للإحتفال بعيد ميلادها في 8 أيلول لتظهر نتائج الصلوات الّتي تقدّم تكريماً لها على الأرض.
منذ القرن السادس، يُحتفل بميلاد مريم أيضًا في بيزنطة: شهر أيلول يفتتح السنة الليتورجيّة البيزنطيّة تحتفل بمريم فجر زمن الخلاص. في الغرب، كان البابا القدّيس سرجيوس الأول هو من أدخل عيد الثامن من أيلول خلال القرن السابع ضمن الأعياد المريمية الأربعة ذات الأصل الشرقي (2 شباط، 25 آذار، 15 آب، و8 أيلول) وتمتاز صلواتنا اللّيتورجيّة بغنى روحي نستمدّه من تآليف آباء كنيستنا الأوائل منذ القرون الأولى وإلى يومنا لا نزال نستخدمها في الآحاد والمناسبات المريميّة.
الكاتب : مؤمن