“فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ” (لوقا 2. 7)
أيها الأحباء
من الصعب التعود على نمط جديد للاحتفال بعيد الميلاد، لكن لا ننسى الصعوبات التي احاطت بولادة ربنا يسوع المسيح.
اليوم بالرغم من كُلّ التحديات التي تهاجم ايماننا بصورة مباشرة او غير مباشرة، تدعونا للثبات، والاعتراف بطريقة مخلفة لإيماننا.
ولهذا ايها الاخوة لنتأمل بعمق بهذه الايام بميلاد ربنا يسوع المسيح، عمانوئيل، الله معنا، رئيس السلام.
فلا يختلف اثنين في الظروف التي ولد فيها يسوع التي كانت غريبة وفقيرة جدا. وليس فقط مجرد الفقر المادي. ولكن هناك ما هو أكثر من ذلك بكثير.
وُلِدَ بعيدا عن القرية التي يعيش فيها والديه، بعيدا عن حب العائلة والأصدقاء، وبعيدا عن الراحة المقدمة في منزل والده، على الرغم من الفقر.
وُلِدَ بين الغرباء الذين يهتمون به ويقدمون له مذود حيث وُلِدَ. الشيء الذي يجعلنا دائما نحبس انفاسنا ويصيبنا ضيق التنفس ويجعلنا أكثر مشوشين عندما نفكر في “كيفية ولادة يسوع”.
قرر الله أن يصبح (انسان) وكان أمامه لا نهاية من الاحتمالات الممكنة كما نفكر نحن فمثلا: بلد يعيش بسلام ومع الازدهار الاقتصادي؟ مدينة حديثة ومجهزة؟ والده طبيب وامه محامية؟ مستشفى حديثة وفريق متخصص؟ تسليط الضوء عليه من قبل كل الصحف العالمية؟
لا، أيها الاخوة الأعزاء، لم يختار الله شيء من ذلك. الله يختار الفتاة الصغيرة مريم والنجار يوسف، المنفيين بسبب جنون إمبراطور (مستعمر) الذي يقرر الاكْتِتَابُ (اي عمل احصائية) لأعداد الشعب. الله يختار مدينة بيت لحم، مسقط رأس الملك داود. الله يختار مغارة (كهف، اسطبل لانه اثناء ولادة يسوع تتواجد الحيوانات).
هذه هي الطريقة التي يدخل الابدي في تاريخنا.
هذه هي الطريقة التي يأتي الله ويسكن بين الناس.
لنتأمل في هذا الميلاد باحداثه الغريبة والصعبة التي نعيشها ونتسائل: أليست هذه الاحداث مماثلة لاحداث ميلاد ربنا يسوع؟
كفانا تذمرا وتمنيات، فنحن اليوم مطالبين بعيش الميلاد وليس انتظاره لان بالحقيقة يسوع يسكن بيننا “وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا.”(يوحنا 1. 14).
ليكن عيد الميلاد مليء من حضور يسوع في حياتنا رغم كل الصعوبات لان ولادة يسوع يجب ان تكون في قلوبنا وفي بيوتنا، فلنجعل من قلوبنا وبيوتنا مذودا مقدسا يليق بإستقبال رب المجد …
اتمنى لكم عيد ميلاد مجيد وسنة مباركة
الاب سعدي خضر
٢٣/١٢/٢٠٢١